الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة مونديال الكرة..والمال والإقتصاد والسياسة

نشر في  11 جوان 2014  (23:12)

تنطلق غداً الخميس نهائيات كأس العالم لكرة القدم والتي تتواصل على مدى شهر كامل، هذه المسابقة التي تعدّ الأكبر والأقوى والأفضل ستجلب إليها الأنظار من كامل أرجاء المعمورة، من الفقير إلى الغني، من الكبير إلى الصغير ومن الرياضي إلى رجل الإقتصاد والسياسة والأعمال.. كلّهم ينتظرون ضربة البداية لهذا المحفل الكروي العالمي الذي تحتضنه البرازيل معقل كرة القدم العالمية للمرّة الثانية في تاريخها بعد تنظيمها لكأس العالم 1950 لتصبح خامس دولة تستضيف البطولة مرتين على أرضها بعد المكسيك، فرنسا، إيطاليا وألمانيا.
ولا شك في أن هذه الدورة ستكون استثنائية بجميع المقاييس، من حيث عدد المتفرّجين الذين سيتابعونها وحجم الأموال التي ستصرف في هذا المونديال، وحتّى على مستوى المنح والحوافز المخصصة للاعبين وأيضاً على مستوى النقل التلفزي والإشهار، وبالتالي يمكن إعتبارها مناسبة لاستعراض القوة، قوّة المال والتّسويق والإشهار والتغطية الإعلامية التي ستواكب دون شك آخر التقنيات والإبتكارات من أجل فرجة رائعة، رائقة ومتميّزة.
وسياسيّا ورسميّا نلاحظ أن المونديال كان ومازال فرصة هامة لزعماء الدول لكسب المزيد من الشعبية من خلال حضور المباريات أو استقبال البعثات الرسمية لمنتخبات بلدانهم قبل السفر أو تناول طعام العشاء معهم وتحفيزهم على الإنتصارات من أجل ضمان أحسن تمثيل لدولهم.
كأس العالم في البرازيل لم تشذ عن هذه القاعدة، حيث دخل الزعماء والسياسيون في سباق غير مباشر في ما بينهم للاستفادة قدر الإمكان من المونديال نظرا لأهمّية وتأثير كرة القدم على شعوبهم. وكمثال على ذلك طالب الرئيس المكسيكي «إنريك بينيانييتو» لاعبي منتخب بلاده باحترام العلم الوطني المكسيكي، ورفع اسم الوطن عالياً، والقتال في الملعب من أجل الشعب المكسيكي، وهو الخطاب الذي لاقى رواجا في التلفزات المحلية ممّا ساهم في صعود أسهم الرئيس. من جهته اجتمع رئيس كوستاريكا «لويس جوليرمو سوليس» بلاعبي المنتخب على مأدبة عشاء قبل التوجّه إلى البرازيل وحثّهم على الجهد والانتصار، كما أن رئيسة البرازيل «ديلما روسيف» واصلت وقوفها إلى جانب منتخب «الصّمبا» وفي وجه عواصف المظاهرات وهي التي اعتبرت استضافة بلادها لكأس العالم واجباً وطنياً. الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» أبدى اهتماما هو الآخر بالمونديال رغم عدم اهتمام شعبه بكرة القدم كلعبة شعبية أولى، فقد دخل في أجواء كأس العالم عند لقائه رئيس وزراء اسبانيا «ماريانو راخوي» ، حيث سأله أمام الكاميرات «أخبرنا كيف يمكننا تقليدكم للفوز بكأس العالم مثلكم؟»، وقد انتشرت هذه التصريحات في معظم الصحف الأمريكية والعالمية ، وضمنت وجود أوباما على مواقع التواصل الإجتماعي وعلى صفحات الرياضة العالمية كرجل دولة يهتمّ بالكرة ويحلم بصعود منتخب بلاده على منصّة التتويج..
الأمر لم يقف عند التصريحات والوعود والتشجيعات بل تجاوز ذلك بكثير عندما وضعت الحكومة البريطانية مشاركة المنتخب الأنقليزي في مونديال البرازيل على طاولة الدرس، حيث ذكرت صحيفة « التيليغراف» أن حكومة كامرون أولت اهتماما غير مسبوق بمشاركة المنتخب الأنقليزي في كأس العالم وتحدثت عن وجود تقرير وقع تسريبه يتحدث عن تشاؤم لدى الطاقم الحكومي من عدم التأهل إلى الدور الثاني، وهو ما استخدمته المعارضة لانتقاد قلة ثقة الحكومة بأبناء وطنها.
وفي إسبانيا البلد الحائز على الكأس العالمية الأخيرة أعرب العديد من السياسيين الإسبان عن غضبهم إزاء قيمة المكافآت التى سيحصل عليها لاعبو المنتخب والجهاز الفني فى حالة الفوز ببطولة كأس العالم القادمة فى البرازيل.. كان ذلك بعد أن توصّل «إيكر كاسياس» قائد منتخب «لاروخا» إلى اتفاق مع السكرتير العام للاتحاد الإسباني بشأن مكافآت اللاعبين فى المونديال. وينص هذا الاتفاق على أن يحصل كل لاعب وعضو فى الجهاز الفنى للمنتخب على 720 ألف يورو أي ما يعادل مليونا و800 ألف دينار تونسي فى حالة الحصول على كأس العالم، وهو ضعف المبلغ الذى قد يحصل عليه لاعبو البرازيل 330 ألف يورو، وألمانيا 300 ألف يورو أي ما يعادل 700 ألف دينار تونسي فى حالة الفوز بالكأس.
من جهته قام الاتحاد الدولى لكرة القدم بالترفيع في مكافأة الفريق الفائز باللقب إلى 27 مليون يورو أي ما يفوق 60 مليون دينار تونسي، بزيادة وصلت إلى 7% مقارنة بمونديال 2010... أما عن المشاهدة التلفزية المرتقبة لهذا الحدث، فقد توقع المسؤول عن حقوق البث التلفزيوني بالاتحاد الدولي لكرة القدم أن تحقق كأس العالم بالبرازيل رقما قياسيا في المشاهدة التلفزية بفضل التقنيات الجديدة وأن العديد من المباريات من بينها النهائي المقرر إقامته في «ريو دي جانيرو» ستبث لأول مرة عبر تقنية عالية الدقة وشديدة الوضوح.
وأكد مسؤول الفيفا أن هذه الأخيرة بذلت جهدا كبيرا في وضع برنامج المباريات ووفرت مواعيد جيدة جدا لانطلاق المباريات تلائم افريقيا والشرق الأوسط واوروبا ستزيد من نسبة المشاهدة هناك علاوة على أن كأس العالم تقام في هذه المرة بأمريكا الجنوبية ممّا يدعم فرضية تحقيق أرقام أفضل من أيّ وقت مضى لتحطيم الأرقام القياسية السابقة.
والثابت إذن أن الفرجة ستكون مضمونة وأن أحباء وعشاق الجلد المدوّر سيتمتعون بأحلى العروض خصوصا في ظل وجود أكبر النجوم والمنتخبات العالمية التي ستتسابق من أجل الفوز وحصد أفضل النتائج.. ولا شك في أننا سنتابع في تونس وللمرّة الثانية على التوالي كأس العالم دون حضور المنتخب الوطني، وقد تكون فرصة لإعادة النظر في أوضاع كرتنا ومستوى بطولتنا التي أكدت الأيام والأحداث أنها لا يمكن -والوضع على ماهو عليه- أن تنجب لنا منتخبا قادرا على تحقيق التأهل إلى أكبر حدث كروي عالمي مالم نراجع أنفسنا ونبادر بإصلاح عيوبنا وأخطائنا.

بقلم: عادل بوهلال